توفي اليوم (26-7-2025) الكبير زياد الرحباني. خبر صدمنا طوال النهار. فرحنا البارحة بعودة جورج عبد الله بعد ٤١ سنة في المعتقل. وفجعنا اليوم بخبر وفاة زياد. الجرح كبير. في أقل من سنة فقدنا وخسرنا خيرة قادتنا من السيد حسن ورفاقه الى السنوار والضيف واليوم زياد. نشعر بألم يزداد كل يوم مع صيحات أهل غزة ومشاهد الاطفال هياكل عظمية تجوع بعنف وحقد وشراسة لا مثيل لها
قال جورج عبد الله أول وصوله البارحة أن إسرائيل تعيش آخر فصولها وليس هناك فصل اخر بعد هذا. الرفيق جورج صابها في عينها في تشخيصيه الحالة المتوحشة التي يعيشها الكيان المؤقت. وتابع قوله الصائب حين لطش مصر والمصاروة سألاً بحق كم شخص استشهد وهم يحاولون فتح معبر رفح. خذلان مصر وملايين مصر حدث غريب عجيب يصعب وصفه وتفكيكه. لان البدهية والمنطق يقول أنه حين طاف طوفان غزة كان من الطبيعي أن تطوف معه مصر والأردن. وما أدراك ما الأردن. وملك الأردن العجيب ووجهه المرتجف وهو في حضرة ربه الترمبي. الله يرحمك يا زياد انت من أولئك القادة الذين لا يتكررون
***
يمكن كان نوع من السذاجة لما قلت مرة عن افكارك انها من حقبة ماضية. يوما ما صوب ال ٢٠١٢ لم استوعب وجهة نظرك بالأحداث التي ضربت سوريا. وبلحظة سريعة انغمسنا في نشوة جماعية وقصر بصر وانعدام البعد الفكري، لم نتقبل تصورك الذي بين مع الوقت انه بمحلة
هو الواحد اوقات بلاقي حاله علقان بالشلة وعقلية الشلة علقانة فيه. والشلة بلبنان فهمت بعدين انها شلة مشللة تتألف من شخصيات بتفرد. هون وصلت لي فكرة المخ المعكوف وكيف بصير بيفرد وعكفة على عكفة ما بتلقت معك بيزحطوا. صوب ال ٢٠١٨ كانت الصورة عن كل الذي حصل من ٢٠١١ صارت واضحة. بنفس الوقت فهمت كيف اللبنانية واحد واحد واحد بيجوا حد بعض بس ما بيطلوا. طسعتعشر واحد! الفكرة انك وقت تشوف العكفة ببطل فيك ما تشوفها
***
مرة بنص التسعينات كان في مقابلة مع زياد الرحباني. كنت بأول طلعتي عمري شي ١٣ أو ١٤. شباب العائلة الأكبر مني بكم سنة كانوا يتحدثون بلهفة عن المقابلة مع زياد الرحباني على التلفزيون. لم اعد اذكر اي محطة بس الأرجح على البي سي. بوقتها كان صارلي فترة راكك على كاسيت الجزء الثاني من مسرحية فيلم أميركي طويل. وصرت محمس لاحضر المقابلة وشوف كيف شكله زياد الرحباني. ولما اجى موعد المقابلة ما اجت الكهربا بليلتها. كان المفروض تجي الساعة الثامنة بس مرق الوقت وما اجت. كانت خيبة كبيرة وحسينا بقهر وإحباط أنا وأمي وأبوي. ما صدقنا انه ما اجت الكهربا على ترمها. ظلم! الليلة دورنا. وقعدنا نشوف بركي تاكك شي عنا. او انه في شي عطل بالمنطقة. صارت الساعة ٨٣٠ وما اجت. ولكن بقي عنا امل انه اكيد نسيونا بشركة الكهربا. وانه اكيد هلق بتجي. وبعد شوي بتجي. وصارت ٩٣٠ وما اجت. وإذ بعد ما استسلمنا وقعدنا على ضو اللوكس وأم كلثوم عم تعن من راديو البطارية وأمي عم تأرجل وصوت قرقعة الأرجيلة بيشبه صوت رشق الرصاص البعيد وأبوي عم ينفخ سيجارته مع رشفات القهوة فجأة ضوى البيت وانتشر النور بالاوضة وصرنا نشوف بعض بوضوح. بلمحة بصر زال القهر وشعرنا بانشراح نفسي عجيب مثل كل مرة بتجي الكهربا بالليل. دغري دور أبوي التلفزيون وحطه على المحطة وكانت المقابلة مع زياد شغالة. لما شفت زياد لأول مرة قلت لحالي: هيدا هو زياد؟ حسيته بيشبهنا. حسيته بيقربنا. قعدت احضر وما كنت فهمان الحديث لاني كنت كتير مركز عليه. كنت أمعن به احاول ان اعرف من صوته وطريقة حكيه أي واحد هو بالمسرحية التي كنت اسمعها. بعدين كمشته. هذا رشيد. رشيد هو زياد. كنت كتير حب رشيد وقصته. كنت حب اتخيال حالي رشيد وقفت السير وفلتت على الملكوت. حتى على كبر صرت استحضر رشيد كآلية للدفاع عن النفس. اوقات بكون مش طايق الشارع والعجقة والتدفيش والهرقة والزمامير والبنايات ومحلات التياب بحس حالي رشيد واتخيل حالي وقفت السير وفلتت على الناس. ربكم اللي عملكم اللي سواكم. من بعد ما شفته لزياد وحسيته يقربنا قررت انه لازم كيف ما كان صمد حق كاسيتات باقي المسرحية. صرت بدي اعرف القصة كلها مش بس نصها
صرت اكبر شوي شوي والكهربا ضلت تنقطع وما تجي على ترمها. ومن كثرة القعدة بالعتم صرت فكر بالشيوعية بنفس الطريقة التي تحدث زياد عنها. ويوم بعد يوم صرت حس بنوع من الحقد الطبقي. مرة سألت أبوي شو الفرق بين الشيعة والشيوعية قال لي الشيعة اسلام متلنا يؤمنون بالله، الشيوعية لا يؤمنون بالله. حسيت بغريزتي انها اجابة غير مقنعة بس كمان عجبتني لان الشيعة متلنا وفي مجال ألا يؤمن الناس بالله
مع الوقت صار زياد يروح ويجي ولما يتشقلب العالم فوقاني تحتاني الواحد بيرجع لزياد ليعرف وين صرنا
الله يرحمك يا زياد. أكلناها كف مرتب من بعدك. إنها الحرب يا زياد. ضيعانك. بس كمان بفهمك. من بعد السيد ومن بعد جو الخذلان العربي اللي صار عتمت كتير الأجواء. على كل حال يا كبير اليأس خيانة والهزيمة ثقافة. المعمل. ما تفل. وينك يا ابو علي. Prelude 83. ليبانيز بيبول. يللا كشو برا. بهل يومين. رشيد. ميس
