فرنجي أوروبي (بودكاست)

اليوم رح نحكي عن كتاب قرأته مؤخرا اسمه الصهيونية وخيوط العنكبوت للدكتور عبد الوهاب المسيري. الكتاب غزير ومستند على سلسلة بحوث بتتناول طبيعة الكيان الاستعماري. وأنصح بقراءته الآن الآن وليس غدا.

خلال القراءة، سطرت عدة صفحات كمرجع مهم. لكن لفتني مقطع حبيت مشاركته.

يتكلم المسيري عن وجه التشابه بين المشروع الصليبي والمشروع الصهيوني. هنا المسيري يلفت النظر أن المشروع الصليبي هو مشروع احتلال فرنجي أوروبي وليس حملة دينية باسم المسيحية. هذه ملاحظة مهمة. تذكرت أننا حين كنا صغار في دروس التاريخ كان التوجه دائماً لوصف هذا الاحتلال باحتلال الفرنجة كتعبير دقيق لهذه الحقبة التاريخية. والمسيري شرحها ببساطة من خلال تفسير كلمة الصليبية الترجمة لكلمة الكروسيد من اللغة الإنجليزية عن اللغة اللاتينية وهي لا تعني صليبي بالمعنى المسيحي الديني بل هي تعني حملة عسكرية شرسة.

المهم يقول المسيري “ولعل هذا هو السبب الذي أصبحت حملات الفرنجة صورة مجازية أساسية في الخطاب الاستعماري الغربي، وأصبحت ديباجاتها هي نفسها ديباجات المشروع الاستعماري الغربي. وقد رأى كثير من المدافعين عن المشروع الصهيوني، من اليهود وغير اليهود، أنه استمرار وإحياء للمشروع الفرنجي (أي الصليبي) ومحاولة وضعه موضع التنفيذ من جديد في العصر الحديث. فلويد جورج، رئيس الوزارة الإنجليزية التي أصدرت وعد بلفور، صرح أن الجنرال اللنبي الذي قاد القوات الإنجليزية التي احتلت فلسطين شن وربح آخر الحملات الصليبية وأعظمها انتصارا. ويمكننا أن نقول إن المشروع الصهيوني هو نفسه المشروع الفرنجي بعد أن تمت علمنته، وبعد أن تم إحلال المادة البشرية اليهودية التي تم تحديثها وتطبيعها وتغريبها وعلمنتها محل المادة البشرية المسيحية.”

ولنحاول الان ان نبين بعض نقط التشابه الاساسية بين المشروعين، ويبدو ان فلسطين مستهدفة دائما من صناع الامبراطوريات اذ انها تعد مفتاحا اساسيا لآسية وإفريقية، وتعد معبرا على البحرين الاحمر والابيض، وتقف على مشارف الطرق البرية التي تؤدي الى العراق وإيران، وهي أيضا معبر أساسي لشطري العالم الاسلامي. ولذا نجد ان المشروعين الفرنجي والصهيوني قد جعلا من فلسطين مسرحاً لأطماعهما ونقطة ارتكاز لانطلاقهما مشروعين استعماريين

ولكن كلاً من المشروعين لم يكونا مشروعين استعماريين وحسب وأنما كانا مشروعين من النوع الاستيطاني الإحلالي. فالمشروع الفرنجي كان يهدف إلى تكوين جيوب بشرية عربية وممالك فرنجية داخل العالم الاسلامي ولكنها تدين بالولاء الكامل للعالم الغربي. ولذا جاءت جيوش الفرنجة ومعها كتلة بشرية من الغرب المسيحي ليحل محل العنصر البشري العربي الاسلامي. والمشروع الغربي في هذا لا يختلف عن المشروع الصهيوني إلا في بعض التفاصيل. فغزو فلسطين تم أولا على يد القوات البريطانية، ثم حضر المستوطنون الصهاينة بعد ذلك بوصفهم عنصرا يقوم بالزراعة والقتال. وقد كانت المؤسسات الاقتصادية للفرنجة، مثلها مثل قرينتها الاسرايلية، تتسم بطابع عسكري، كما أن التنظيم الاقتصادي التعاوني لم يكن مجهولا لدى الفرنجة. ويمكن القول بأن دويلات الفرنجة، مثلها مثل الدولة الصهيونية، كانت ترسانات عسكرية في حالة تأهب دائم ”للدفاع عن النفس“ وللتوسع كلما سنحت لها الفرصة.“ انتهى الاقتباس

القصد من ورا اقتباس هذا المقطع ومشاركته معكم هو للتفكير بواقع الكيان الصهيوني اليوم بعد سنتين من الطوفان. ومع ان تواطئ الدول العربية بالابادة في غزة والضفة وتدمير لبنان وسوريا بتخلينا نحس بالهزيمة والاحباط بشكل سريع. ولكن بدل الانغماس في هذا النوع من الترف الاحساسي لازم ننظر للصهاينة من وجهة نظرهم هم وليس من خلال الاعلام العربي المتصهين، العميل. كل يوم لما اطلع على مواقع الاخبار والصحف الصهيونية استنتج انهم وصلوا الى نهاية الطريق. وحين اقرأ التعليقات على المقالات يتاكد لي ان هذا الكيان الى زوال. هم يقولون ان هذه لم تعد عيشة وانهم على وشك الهجرة الى اميركا او كندا. وهناك البعض منهم بدأ باحتلال اجزاء من قبرص وبعض الجزر في اليونان. ومين بيتذكر كيف دولة الكيان منعت الاسرايلية من الهرب خلال حرب ال١٢ يوم وقصف ايران وتدمير اجزاء من تل ابيب؟ هذا الجو من التحضير لخطة بديلة ومنع المستوطنين من الهرب يعني ان المشروع الصهيوني فشل. بالنهاية هم حتما ذاهبون الى  الاقتتال الداخلي في اليوم الثاني بعد نهاية حرب الابادة على غزة

 لكن هذا لا يعني ان علينا ان نجلس ونتكاتف ونشاهد الظلم والمجازر والقتل بالتجويع الذي يخضع له اهلنا في غزة. كل واحد وواحدة فينا يستطيع ان يفعل شيء. فكر بقدرتك وتصرف على قد قدرتك 

بالنهاية ما بصح الا الصحيح: فلسطين في الاول فلسطين في الاخر  

رابط الكتاب الصهيونية وخيوط العنكبوت

Leave a comment